2 ألف سجين.. التشويش على محاكمات الإرهاب
فارس بن حزام
يبدو أن هناك فئة من المواطنين تخشى علنية محاكمات الإرهاب وتسعى إلى تعطيلها. فعلى مدى عاميْ 2006 و2007، صدرت نداءات داخلية تطالب بسرعة محاكمة الموقوفين على ذمة الإرهاب، لتحديد الموقف النهائي إما الإدانة أو البراءة. وقتها كانت الإجراءات بطيئة ومملة، وأظنها ما زالت في بطئها ومللها.
كانت المفاجأة قبل أشهر بالكشف عن إخلاء سبيل نحو ستة آلاف شخص على مدى الأعوام الماضية، والمفاجأة الثانية بوجود رقم مثله في السجون تحت طائلة المحاكمة أو تنفيذ الأحكام.
وعندما كانت الأصوات تتعالى للمسارعة في المحاكمات، كان القضاء فعلاً قد سبق في إجراءات عبر الملفات الصغيرة، ذات الطابع الفردي. فأدين أفراد وبرئ مثلهم، وأطلق سراح الستة آلاف، وبينهم الخاضعون لبرنامجيْ "المناصحة" و"الرعاية والتأهيل".
الغريب أن المحاكمات كانت تتم بصمت، بعيداً عن وسائل الإعلام، وبعيداً عن المهتمين في قضايا الموقوفين، والأكثر غرابة أن تحقيق مطلب المحاكمة، وهي قائمة سلفاً بدليل الكثير المفرج عنهم بعد إتمام أحكامهم أو نيلهم البراءة، دفع إلى نقل مستواها لتكون شبه علنية، بالسماح إلى صحافيين بالحضور وإعلان ما يدور في الجلسات، وما يعتقد في ذلك من تحقيق لرغبة المطالبين بالمحاكمات، لكن الإجراء واجه حملة عاصفة من المطالبين ذاتهم.
فما أن بدأت الإشارات الأولية عن قرب عقد جلسات المحاكمة بحضور الصحافيين، حتى بدأت الحملة في اتجاه مختلف. هذه المرة بالدعوة إلى إطلاق السراح من دون محاكمات. طلب غير معقول، خاصة أن المحاكمة ماضية.
لم أجد تفسيراً واحداً للتغير في الموقف، سوى الخشية مما ستكشفه الصحافة عبر حضور ممثليها الجلسات. فما تلاه الادعاء العام، وما أقر به بعض المتهمين وما نفوه، شيء لا يصدق، ولا يمكن أن يتخيله أحد. وتبين أن ما أعلنته وسائل الإعلام خلال فترة الإرهاب لا يساوي شيئاً أمام ما كشفته جلسات المحاكمة.
هناك متهمون صرحوا في قاعات المحاكمة بأسماء رجال دين ورّطوهم بفتاوى سابقة، وآخرون أقروا أمام كل من في القاعة بالأفعال الشاذة، وأشياء عدة نشرتها الصحف على لسان المتهمين أنفسهم. فالواضح أن بعض رجال الدين رافض لحضور وسائل الإعلام، خشية أن يرد اسمه في دفاع المتهمين عما تورطوا به.
طبعاً، ما لا أؤيده هو سرية الأسماء، وحرمان الصحافيين من إفشائها. من الأفضل أن يطلع الرأي العام على التفاصيل كاملة. فذلك ليس فيه تشويه لأحد طالما أدينوا أو نالوا البراءة، فالخبر سيظهر في الحالتين.
لا أحد يشكك في حق المطالبة بالإفراج عن أي شخص ينتهي معه التحقيق بلا إدانة، وأنا أطالب بالإفراج أيضاً، ولكن لا يليق خلط الأوراق، وإطلاق سراح الموقوفين خلال مرحلة محاكمتهم، خاصة أن المحاكمة كانت مطلباً في وقت مضى، قبل أن ينتبه المطالبون إلى الأضرار التي ستصيب من سيرد اسمه في الجلسات.
فارس بن حزام
يبدو أن هناك فئة من المواطنين تخشى علنية محاكمات الإرهاب وتسعى إلى تعطيلها. فعلى مدى عاميْ 2006 و2007، صدرت نداءات داخلية تطالب بسرعة محاكمة الموقوفين على ذمة الإرهاب، لتحديد الموقف النهائي إما الإدانة أو البراءة. وقتها كانت الإجراءات بطيئة ومملة، وأظنها ما زالت في بطئها ومللها.
كانت المفاجأة قبل أشهر بالكشف عن إخلاء سبيل نحو ستة آلاف شخص على مدى الأعوام الماضية، والمفاجأة الثانية بوجود رقم مثله في السجون تحت طائلة المحاكمة أو تنفيذ الأحكام.
وعندما كانت الأصوات تتعالى للمسارعة في المحاكمات، كان القضاء فعلاً قد سبق في إجراءات عبر الملفات الصغيرة، ذات الطابع الفردي. فأدين أفراد وبرئ مثلهم، وأطلق سراح الستة آلاف، وبينهم الخاضعون لبرنامجيْ "المناصحة" و"الرعاية والتأهيل".
الغريب أن المحاكمات كانت تتم بصمت، بعيداً عن وسائل الإعلام، وبعيداً عن المهتمين في قضايا الموقوفين، والأكثر غرابة أن تحقيق مطلب المحاكمة، وهي قائمة سلفاً بدليل الكثير المفرج عنهم بعد إتمام أحكامهم أو نيلهم البراءة، دفع إلى نقل مستواها لتكون شبه علنية، بالسماح إلى صحافيين بالحضور وإعلان ما يدور في الجلسات، وما يعتقد في ذلك من تحقيق لرغبة المطالبين بالمحاكمات، لكن الإجراء واجه حملة عاصفة من المطالبين ذاتهم.
فما أن بدأت الإشارات الأولية عن قرب عقد جلسات المحاكمة بحضور الصحافيين، حتى بدأت الحملة في اتجاه مختلف. هذه المرة بالدعوة إلى إطلاق السراح من دون محاكمات. طلب غير معقول، خاصة أن المحاكمة ماضية.
لم أجد تفسيراً واحداً للتغير في الموقف، سوى الخشية مما ستكشفه الصحافة عبر حضور ممثليها الجلسات. فما تلاه الادعاء العام، وما أقر به بعض المتهمين وما نفوه، شيء لا يصدق، ولا يمكن أن يتخيله أحد. وتبين أن ما أعلنته وسائل الإعلام خلال فترة الإرهاب لا يساوي شيئاً أمام ما كشفته جلسات المحاكمة.
هناك متهمون صرحوا في قاعات المحاكمة بأسماء رجال دين ورّطوهم بفتاوى سابقة، وآخرون أقروا أمام كل من في القاعة بالأفعال الشاذة، وأشياء عدة نشرتها الصحف على لسان المتهمين أنفسهم. فالواضح أن بعض رجال الدين رافض لحضور وسائل الإعلام، خشية أن يرد اسمه في دفاع المتهمين عما تورطوا به.
طبعاً، ما لا أؤيده هو سرية الأسماء، وحرمان الصحافيين من إفشائها. من الأفضل أن يطلع الرأي العام على التفاصيل كاملة. فذلك ليس فيه تشويه لأحد طالما أدينوا أو نالوا البراءة، فالخبر سيظهر في الحالتين.
لا أحد يشكك في حق المطالبة بالإفراج عن أي شخص ينتهي معه التحقيق بلا إدانة، وأنا أطالب بالإفراج أيضاً، ولكن لا يليق خلط الأوراق، وإطلاق سراح الموقوفين خلال مرحلة محاكمتهم، خاصة أن المحاكمة كانت مطلباً في وقت مضى، قبل أن ينتبه المطالبون إلى الأضرار التي ستصيب من سيرد اسمه في الجلسات.