إشراقة
أرامكو : الحل الجاهز لكل المشكلات
د. هاشم عبده هاشم
** بقدر ما أنا سعيد بنجاحات شركة أرامكو.. ليس فقط بالنسبة لطبيعة المجال الذي قامت من أجله. وسجلت فيه نجاحات ملحوظة.. وساهمت في زيادة تأثير المملكة في قرارات العالم ولاسيما الاقتصادية منها.. من خلال مشاركتها الفعالة في منظمة الدول المصدرة للنفط " أوبك " أو من خلال مشاركتها أيضاً في مجموعة الدول العشرين التي ترسم وتخطط لمستقبل تقدم العالم وتطوره..
** أقول .. بقدر سعادتي بنجاحات أرامكو في هذا المجال الحيوي المهم بالنسبة لدول العالم وشعوبه.. فإنني أواجه حيرة شديدة من جراء نجاحات الشركة في مجالات التخطيط والمساهمة الخلاقة في تحقيق التنمية المستدامة في بلادنا.. ليس فقط في جانبها المادي وإنما في الجوانب الأخرى.. وفي مقدمتها التنمية البشرية.. وتطوير أنماط التفكير في مجتمعنا..
** وقد قرأت منذ عدة أيام خبراً في صحيفة الشرق الأوسط يقول.. إن أرامكو لجأت إلى إنتاج (20) عملية تفاعلية بالتعاون مع "سايتك" ومعهد "ماساتشوستس" للتقنية بهدف تطوير مناهج العلوم والرياضيات في المرحلة الثانوية..
** وبحسب الخبر.. فقد أوضحت " هدى محمد الغصن " المديرة العامة للتطوير والتدريب في أرامكو : بأنه جار توفير الوسائل المرئية التفاعلية التي تحفز الطلبة وتستحثهم على المشاركة في المهارات التعليمية التي تمكّن الطلاب من تحقيق الهدف من تدريس المادة العلمية وتحتوي على نقاط تعليم رئيسية وتوفر بيئة تفاعلية .. ويهدف البرنامج إلى تحفيز الطلاب على المشاركة وتنمية مهارات التعليم النقدي..
** والمشروع الذي تصدت له "أرامكو" وإن ركز على مادتيّ العلوم والرياضيات إلا أنه مرشح للتوسع.. أو أنه يجب أن يتوسع ليشمل جميع المواد المحفزة للإبداع لدى الإنسان.. والدافعة إلى حسن التفكير.. وسلامته وكذلك القدرة على التحليل.. واستنفار كافة قوى الإنسان العقلية والمهارية.. لكي يكون إنساناً خلاقاً..
** وبصرف النظر عن مجالات التطبيق .. سواء داخل أرامكو نفسها وعلى أبناء المنتسبين إليها.. والعاملين فيها.. أو كان التطبيق على مستوى طلاب المملكة وطالباتها.. فإن التوجه في حد ذاته يؤكد أن في شركة أرامكو.. من يفكرون في المستقبل.. أفضل بكثير من أي جهة أخرى.. لا تفكر إلا في اليوم الذي تعيشه.. وهي وإن فكرت في المستقبل.. فإنها تفكر في تحقيق التنمية الاقتصادية.. والتطوير المادي لكنها لا تهتم كثيراً بتنمية التفكير لدى الإنسان.. واستثمار قدراته ومواهبه العقلية.. والإنفاق عليها.. بالرغم من أن التوجه نحو التنمية البشرية أهم ألف مرة.. من التوجه نحو التنمية الاقتصادية وإن حولت مدننا وقرانا إلى بروج مشيدة.. وإن وفرت لنا أسباب الراحة والمتعة، وإن جعلتنا على أعلى درجات التقدم في جانبه المادي..
** ذلك أن أي تطور أو تقدم أو إصلاح.. لا يبدأ بتفكير الإنسان.. وتنمية مهاراته العقلية والكشف عن مواهبه.. هو تطور هش.. وغير قابل للاستمرار والتأثير في مجمل مجالات الحياة الإنسانية..
** وأخشى ما أخشاه أن نضطر في النهاية إلى إقفال جميع الوزارات.. وتسليم أرامكو.. مهمة إدارة مختلف أوجه الحياة في بلادنا.. استثماراً للخبرات الهائلة التي تتوفر فيها.. واستغلالاً لهذا التنوع والشمول في منهجية التخطيط وفي الإدارة بكل مستوياتها..
** وما يحدث الآن هو.. أن أرامكو هي التي تحل لنا مشكلة السيول.. وهي التي تحل لنا مشكلات المرور والبيئة وليس بعيداً أن نعتمد عليها في الغد في حل مشكلات السكن.. والبطالة.. والفجوة العميقة بين مخرجات التعليم، وبين متطلبات سوق العمل..
** ولست أدري.. فيمَ سنعتمد عليها بعد ذلك..؟
** فهل أدركتم الآن.. سبب حيرتي..؟
** وهل يحسن بنا أن نفرح بما تفعله أرامكو.. أو أن نحزن على وضع الأجهزة الحكومية التي عجزت عن حل مشكلات بسيطة.. ومن باب أولى أن ننتظر منها أن تفكر لنا في المستقبل الأبعد؟
** وإلى أي مدى يمكن لجهود أرامكو هذه أن تتواصل لتنوب أيضاً حتى عن القطاع الخاص، وإدارة مهامه وتشغيل أمواله وتوجيه استثماراته ؟
** فهل تعذرون حيرتي بعد كل ذلك ؟
***
ضمير مستتر
** (بعض النجاح يزعج .. وبعضه يخجل أيضاً).
أرامكو : الحل الجاهز لكل المشكلات
د. هاشم عبده هاشم
** بقدر ما أنا سعيد بنجاحات شركة أرامكو.. ليس فقط بالنسبة لطبيعة المجال الذي قامت من أجله. وسجلت فيه نجاحات ملحوظة.. وساهمت في زيادة تأثير المملكة في قرارات العالم ولاسيما الاقتصادية منها.. من خلال مشاركتها الفعالة في منظمة الدول المصدرة للنفط " أوبك " أو من خلال مشاركتها أيضاً في مجموعة الدول العشرين التي ترسم وتخطط لمستقبل تقدم العالم وتطوره..
** أقول .. بقدر سعادتي بنجاحات أرامكو في هذا المجال الحيوي المهم بالنسبة لدول العالم وشعوبه.. فإنني أواجه حيرة شديدة من جراء نجاحات الشركة في مجالات التخطيط والمساهمة الخلاقة في تحقيق التنمية المستدامة في بلادنا.. ليس فقط في جانبها المادي وإنما في الجوانب الأخرى.. وفي مقدمتها التنمية البشرية.. وتطوير أنماط التفكير في مجتمعنا..
** وقد قرأت منذ عدة أيام خبراً في صحيفة الشرق الأوسط يقول.. إن أرامكو لجأت إلى إنتاج (20) عملية تفاعلية بالتعاون مع "سايتك" ومعهد "ماساتشوستس" للتقنية بهدف تطوير مناهج العلوم والرياضيات في المرحلة الثانوية..
** وبحسب الخبر.. فقد أوضحت " هدى محمد الغصن " المديرة العامة للتطوير والتدريب في أرامكو : بأنه جار توفير الوسائل المرئية التفاعلية التي تحفز الطلبة وتستحثهم على المشاركة في المهارات التعليمية التي تمكّن الطلاب من تحقيق الهدف من تدريس المادة العلمية وتحتوي على نقاط تعليم رئيسية وتوفر بيئة تفاعلية .. ويهدف البرنامج إلى تحفيز الطلاب على المشاركة وتنمية مهارات التعليم النقدي..
** والمشروع الذي تصدت له "أرامكو" وإن ركز على مادتيّ العلوم والرياضيات إلا أنه مرشح للتوسع.. أو أنه يجب أن يتوسع ليشمل جميع المواد المحفزة للإبداع لدى الإنسان.. والدافعة إلى حسن التفكير.. وسلامته وكذلك القدرة على التحليل.. واستنفار كافة قوى الإنسان العقلية والمهارية.. لكي يكون إنساناً خلاقاً..
** وبصرف النظر عن مجالات التطبيق .. سواء داخل أرامكو نفسها وعلى أبناء المنتسبين إليها.. والعاملين فيها.. أو كان التطبيق على مستوى طلاب المملكة وطالباتها.. فإن التوجه في حد ذاته يؤكد أن في شركة أرامكو.. من يفكرون في المستقبل.. أفضل بكثير من أي جهة أخرى.. لا تفكر إلا في اليوم الذي تعيشه.. وهي وإن فكرت في المستقبل.. فإنها تفكر في تحقيق التنمية الاقتصادية.. والتطوير المادي لكنها لا تهتم كثيراً بتنمية التفكير لدى الإنسان.. واستثمار قدراته ومواهبه العقلية.. والإنفاق عليها.. بالرغم من أن التوجه نحو التنمية البشرية أهم ألف مرة.. من التوجه نحو التنمية الاقتصادية وإن حولت مدننا وقرانا إلى بروج مشيدة.. وإن وفرت لنا أسباب الراحة والمتعة، وإن جعلتنا على أعلى درجات التقدم في جانبه المادي..
** ذلك أن أي تطور أو تقدم أو إصلاح.. لا يبدأ بتفكير الإنسان.. وتنمية مهاراته العقلية والكشف عن مواهبه.. هو تطور هش.. وغير قابل للاستمرار والتأثير في مجمل مجالات الحياة الإنسانية..
** وأخشى ما أخشاه أن نضطر في النهاية إلى إقفال جميع الوزارات.. وتسليم أرامكو.. مهمة إدارة مختلف أوجه الحياة في بلادنا.. استثماراً للخبرات الهائلة التي تتوفر فيها.. واستغلالاً لهذا التنوع والشمول في منهجية التخطيط وفي الإدارة بكل مستوياتها..
** وما يحدث الآن هو.. أن أرامكو هي التي تحل لنا مشكلة السيول.. وهي التي تحل لنا مشكلات المرور والبيئة وليس بعيداً أن نعتمد عليها في الغد في حل مشكلات السكن.. والبطالة.. والفجوة العميقة بين مخرجات التعليم، وبين متطلبات سوق العمل..
** ولست أدري.. فيمَ سنعتمد عليها بعد ذلك..؟
** فهل أدركتم الآن.. سبب حيرتي..؟
** وهل يحسن بنا أن نفرح بما تفعله أرامكو.. أو أن نحزن على وضع الأجهزة الحكومية التي عجزت عن حل مشكلات بسيطة.. ومن باب أولى أن ننتظر منها أن تفكر لنا في المستقبل الأبعد؟
** وإلى أي مدى يمكن لجهود أرامكو هذه أن تتواصل لتنوب أيضاً حتى عن القطاع الخاص، وإدارة مهامه وتشغيل أمواله وتوجيه استثماراته ؟
** فهل تعذرون حيرتي بعد كل ذلك ؟
***
ضمير مستتر
** (بعض النجاح يزعج .. وبعضه يخجل أيضاً).