منطق الغيم
الشرعية
اميمة الخميس
إشكالية الشرعية هي من أقدم الجدالات السياسية في العالم العربي , وهي أيضا أكثر ملفات انتفاضات الربيع العربي سخونةً , والمصادر التقليدية لشرعية السلطة،
يرجعها عالم الاجتماع ماكس فيبر إلى : التقاليد، والكاريزما، والعقلانية، والكفاءة . وفي الوقت الحاضر أصبحت مشكلة الشرعية السياسية ومصادرها تفسر الطبيعة المتقلبة للسياسات العربية تجاه استحقاقات العقد الاجتماعي ، وغلبة الطابع التسلطي والقهري على بعض الحكومات العربية طوال الأجيال الماضية , وتفسر أخيرا جيَشان الربيع العربي في شوارع المدن العربية.
على سبيل المثال تحولت سورية منذ عشر سنوات إلى حكومة قاهرة , والثورة العسكرية البعثية في مطالع الستينيات على الرغم من كل الشعارات اليسارية التي كانت ترفعها، وتمرر من خلالها شرعيتها ومصداقيتها ولكنها عندما حان وقت تداول السلطة هرعت إلى التاريخ، وقلبت أوراقه واختارت النموذج الأموي عندما حوّل معاوية رضي الله عنه الخلافة الإسلامية إلى (ملك عضوض) ومن ذاك الوقت باتت سورية أسيرة الحزب العضوض الواحد.
ولم تكن قضية الشرعية تناقش كثيرا بين الأوساط السياسية والحقوقية لسببين:-
- أعلن حزب البعث سورية دولة مواجهة فبالتالي لاصوت يعلو على صوت المعركة، وباتت كل تحركاتها السياسية والعسكرية تتم تحت مظلة أو شرعية المواجهة مع العدو , حتى عندما احتلت لبنان كان ذلك تحت ذريعة التصدي لإسرائيل (لم تطلق رصاصة سورية واحدة منذ ذلك الوقت ضد إسرائيل لافي لبنان ولافي الجولان المحتل) لكن المجد العسكري لسورية كدولة مواجهة, متصدية للعدوان الإمبريالي وأذنابه وأنصافه , مع كم هائل من الشعارات التي يكثر فيها اللغو والإنشاء, أجّل مناقشة قضية الشرعية.
- السبب الثاني الذي غيّب النقاش حول شرعية حزب البعث هو تحول سورية إلى حقل ملغم بشبكة مخابراتية هائلة تشبه التي كانت في الدول الشيوعية في اشد أزمنتها حلكة , عندما كان الأخ يتجسس على أخيه، والجار على جارة والمرؤوس على رئيسه , امبراطورية من الخوف والتوجس صنعت رقابا خانعة مطأطئة يكتفي بها بكفاف القوت اليومي , مع تغييب شبه كامل لجميع منابر الرأي الحر والشفافية ومؤسسات المجتمع المدني , يرافق هذا سقوف منخفضة لإعلام تحول إلى أبواق هائلة مهمتها التسبيح بحمد الحزب صباح مساء.
ولكن على الرغم من هذا التاريخ يثبت دوما أن الخوف عمره لحظات وسرعان مايتوارى ليبدأ الغضب , وانطلق الشعب السوري عبر كل الميادين والمعابر والشرفات والحناجر والصدور العارية ليستعيد تاريخه , بالأجساد العزلاء أمام آلة العسكر والتوحش والطغيان , يعلنون أن الكرامة الانسانية لاتقايض ولاتخنع ولاتستبدل بالمسكنات والمسوّفات , كرامة الشعوب وحقها في الحياة الكريمة والعدالة والشفافية داخل دولة القانون والدستور واستقلال السلطات هي أبسط حقوقها مهما طال الزمن.
موقف خادم الحرمين الشريفين النبيل لنصرة الشعب السوري لايشبه سوى هذا القائد التاريخي الذي له نقاء الصحراء وحسمها والذي لطالما رفع ثوبه عن دنس السياسة ومصالحها وأجنداتها المتعددة الوجوه, هو فقط اختار أن ينحاز للكرامة والعدالة والإنسان كقيمة قصوى ضد كائن من كان , مؤمناً أن الشعب كان وسيظل هو المصدر الوحيد والحقيقي للشرعية..
الشرعية
اميمة الخميس
إشكالية الشرعية هي من أقدم الجدالات السياسية في العالم العربي , وهي أيضا أكثر ملفات انتفاضات الربيع العربي سخونةً , والمصادر التقليدية لشرعية السلطة،
يرجعها عالم الاجتماع ماكس فيبر إلى : التقاليد، والكاريزما، والعقلانية، والكفاءة . وفي الوقت الحاضر أصبحت مشكلة الشرعية السياسية ومصادرها تفسر الطبيعة المتقلبة للسياسات العربية تجاه استحقاقات العقد الاجتماعي ، وغلبة الطابع التسلطي والقهري على بعض الحكومات العربية طوال الأجيال الماضية , وتفسر أخيرا جيَشان الربيع العربي في شوارع المدن العربية.
على سبيل المثال تحولت سورية منذ عشر سنوات إلى حكومة قاهرة , والثورة العسكرية البعثية في مطالع الستينيات على الرغم من كل الشعارات اليسارية التي كانت ترفعها، وتمرر من خلالها شرعيتها ومصداقيتها ولكنها عندما حان وقت تداول السلطة هرعت إلى التاريخ، وقلبت أوراقه واختارت النموذج الأموي عندما حوّل معاوية رضي الله عنه الخلافة الإسلامية إلى (ملك عضوض) ومن ذاك الوقت باتت سورية أسيرة الحزب العضوض الواحد.
ولم تكن قضية الشرعية تناقش كثيرا بين الأوساط السياسية والحقوقية لسببين:-
- أعلن حزب البعث سورية دولة مواجهة فبالتالي لاصوت يعلو على صوت المعركة، وباتت كل تحركاتها السياسية والعسكرية تتم تحت مظلة أو شرعية المواجهة مع العدو , حتى عندما احتلت لبنان كان ذلك تحت ذريعة التصدي لإسرائيل (لم تطلق رصاصة سورية واحدة منذ ذلك الوقت ضد إسرائيل لافي لبنان ولافي الجولان المحتل) لكن المجد العسكري لسورية كدولة مواجهة, متصدية للعدوان الإمبريالي وأذنابه وأنصافه , مع كم هائل من الشعارات التي يكثر فيها اللغو والإنشاء, أجّل مناقشة قضية الشرعية.
- السبب الثاني الذي غيّب النقاش حول شرعية حزب البعث هو تحول سورية إلى حقل ملغم بشبكة مخابراتية هائلة تشبه التي كانت في الدول الشيوعية في اشد أزمنتها حلكة , عندما كان الأخ يتجسس على أخيه، والجار على جارة والمرؤوس على رئيسه , امبراطورية من الخوف والتوجس صنعت رقابا خانعة مطأطئة يكتفي بها بكفاف القوت اليومي , مع تغييب شبه كامل لجميع منابر الرأي الحر والشفافية ومؤسسات المجتمع المدني , يرافق هذا سقوف منخفضة لإعلام تحول إلى أبواق هائلة مهمتها التسبيح بحمد الحزب صباح مساء.
ولكن على الرغم من هذا التاريخ يثبت دوما أن الخوف عمره لحظات وسرعان مايتوارى ليبدأ الغضب , وانطلق الشعب السوري عبر كل الميادين والمعابر والشرفات والحناجر والصدور العارية ليستعيد تاريخه , بالأجساد العزلاء أمام آلة العسكر والتوحش والطغيان , يعلنون أن الكرامة الانسانية لاتقايض ولاتخنع ولاتستبدل بالمسكنات والمسوّفات , كرامة الشعوب وحقها في الحياة الكريمة والعدالة والشفافية داخل دولة القانون والدستور واستقلال السلطات هي أبسط حقوقها مهما طال الزمن.
موقف خادم الحرمين الشريفين النبيل لنصرة الشعب السوري لايشبه سوى هذا القائد التاريخي الذي له نقاء الصحراء وحسمها والذي لطالما رفع ثوبه عن دنس السياسة ومصالحها وأجنداتها المتعددة الوجوه, هو فقط اختار أن ينحاز للكرامة والعدالة والإنسان كقيمة قصوى ضد كائن من كان , مؤمناً أن الشعب كان وسيظل هو المصدر الوحيد والحقيقي للشرعية..
