القافلة تسير
ضحايا الطواحين
عبد الله إبراهيم الكعيد
" في مجال الفكر فما زالت طاحونة اللفظ هي صاحبة الدويّ الأعلى مع أننا نعيش في عصر مزدحم بقضايا الإنسان التي تمس حقوقه وواجباته ومعاملاته وأقداره " هكذا رأى المفكّر الدكتور زكي نجيب محمود صاحب كتاب (نحو فلسفة علميّة) المأزق وهكذا أراهُ واقعاً اليوم.
ليست طاحونة واحدة بل طواحين تقذف بالخرافات والخزعبلات والدسائس من على شتى أنواع الوسائل والمنابر. المُشكلة ليست في الطواحين ومنتجاتها بل في المتلقي الذي يؤمن بما تضخه تلك الأفواه ثم ينطحن نتيجة إيماناته بها. هل هو زمن الكلام كما عبّر عنه أحد الزملاء وكتب مسرحية بهذا العنوان والمفهوم؟ رُبما.
نحنُ أمام قضيّة لها أكثر من بُعد. فالمتكلم سواء أكان واعظاً أم خطيباً أم داعية أم كاتباً أم سياسياً أم معلماً يُعتبر في حكم الطاحونة التي تُنتج مفردات وكلمات يتلقفها السامع (المتلقي) وفي الغالب يتأثر بها ويؤمن، ومن ثم تتلبسه ويتبنى ما تدعو إليه.
لا أحد من تلك (الطواحين) إلاّ وله أهداف من طحنه إن لم يكن أجندات يبتغي تحقيقها. البُعد الآخر للقضيّة هو متلقي ألإنتاج ذلك الذي أتخيل رأسه كالكيس الذي يملؤه بما تقذف بهِ تلك الطواحين ، وهذا لهُ أصناف عدّه يطول تعدادها لهذا سأركّز على ذلك الذي لا يُخضع ما يُكيّسه في رأسه للتحليل والتدبر والفحص ومن ثم الفلترة . هذا الصنف من البشر أعتبره الضحيّة بل الصيد الأسهل للطواحين خصوصاً الشريرة منها.
أرى بأن صاحب العقل السطحي الذي تُبهره الطواحين وما تُنتج هو المأزق وحين يصعب إسكات جعجعة الطحن فلنركز على هواة جمع الطحين ولنعلّمهم بالرفق واللين سماع صوت الحقيقة المُجرّدة من سوء النوايا المدسوسة أو الماكرة..
وسلامتكم.
فاصلة أخيرة :
الكلامُ شهوة ، لكن ليست العبرة أن نقول إنما ماذا نقول. لقد قلنا كلاما وكتبنا كلاما، وطوال الوقت نُمارس فعل الكلام. يا تُرى من الذي استطاع التحكّم في نفسه وصمتَ في الوقت المناسب؟
ضحايا الطواحين
عبد الله إبراهيم الكعيد
" في مجال الفكر فما زالت طاحونة اللفظ هي صاحبة الدويّ الأعلى مع أننا نعيش في عصر مزدحم بقضايا الإنسان التي تمس حقوقه وواجباته ومعاملاته وأقداره " هكذا رأى المفكّر الدكتور زكي نجيب محمود صاحب كتاب (نحو فلسفة علميّة) المأزق وهكذا أراهُ واقعاً اليوم.
ليست طاحونة واحدة بل طواحين تقذف بالخرافات والخزعبلات والدسائس من على شتى أنواع الوسائل والمنابر. المُشكلة ليست في الطواحين ومنتجاتها بل في المتلقي الذي يؤمن بما تضخه تلك الأفواه ثم ينطحن نتيجة إيماناته بها. هل هو زمن الكلام كما عبّر عنه أحد الزملاء وكتب مسرحية بهذا العنوان والمفهوم؟ رُبما.
نحنُ أمام قضيّة لها أكثر من بُعد. فالمتكلم سواء أكان واعظاً أم خطيباً أم داعية أم كاتباً أم سياسياً أم معلماً يُعتبر في حكم الطاحونة التي تُنتج مفردات وكلمات يتلقفها السامع (المتلقي) وفي الغالب يتأثر بها ويؤمن، ومن ثم تتلبسه ويتبنى ما تدعو إليه.
لا أحد من تلك (الطواحين) إلاّ وله أهداف من طحنه إن لم يكن أجندات يبتغي تحقيقها. البُعد الآخر للقضيّة هو متلقي ألإنتاج ذلك الذي أتخيل رأسه كالكيس الذي يملؤه بما تقذف بهِ تلك الطواحين ، وهذا لهُ أصناف عدّه يطول تعدادها لهذا سأركّز على ذلك الذي لا يُخضع ما يُكيّسه في رأسه للتحليل والتدبر والفحص ومن ثم الفلترة . هذا الصنف من البشر أعتبره الضحيّة بل الصيد الأسهل للطواحين خصوصاً الشريرة منها.
أرى بأن صاحب العقل السطحي الذي تُبهره الطواحين وما تُنتج هو المأزق وحين يصعب إسكات جعجعة الطحن فلنركز على هواة جمع الطحين ولنعلّمهم بالرفق واللين سماع صوت الحقيقة المُجرّدة من سوء النوايا المدسوسة أو الماكرة..
وسلامتكم.
فاصلة أخيرة :
الكلامُ شهوة ، لكن ليست العبرة أن نقول إنما ماذا نقول. لقد قلنا كلاما وكتبنا كلاما، وطوال الوقت نُمارس فعل الكلام. يا تُرى من الذي استطاع التحكّم في نفسه وصمتَ في الوقت المناسب؟